أخر الاخبار

ما هو العمل, وما هي ضوابط العمل الشرعية للفرد والمجتمع

ما هو العمل, وما هي ضوابط العمل الشرعية للفرد والمجتمع

الكثير منا يعمل لغرضين , إما لغرض جمع المال أو لغرض العيش ، ولكن الأغلب لايدرك إذا كان رزقه حلالاً أم حرام وهل هو يعمل وفق الضوابط الشرعية أم وفق سير عمله لذلك سوف نتطرق بشكل مفصل ما هو العمل, وما هي ضوابط العمل الشرعية للفرد والمجتمع, وأهميته وفوائده الفردية والإجتماعية, ومتى يكون العمل غير شرعي .

العمل:- هو المجهود الذي يبذله الإنسان لإنتاج السلع وتوفير الخدمات وذلك لإشباع حاجاته, يحتاج عمل إلى الكثير من المتطلبات لإتمامه على أكمل وجه, فبعض الأعمال تتطلب المؤهل العلمي أو معرفة معينه كالأعمال الإدارية أو العلمية وبعضها يتطلب المهارة أو مجهود معين كالأعمال الحرفية.

وبعضها يتطلب الخبرة مثل الأعمال التجارية وهنالك أعمال تتطلب جميع هذه المؤهلات لإتمامها, إذ إن هنالك عدد لا يعد ولا يحصى من الأعمال في مختلف مجالات الحياة وما زال هذا العدد في تزايد بسبب التطور الحضاري المستمر في الحياة وهذا التطور لا يقتصر على زيادة هذه الأعمال فقط بل ينهي بعضاً منها أو يقللها تدريجياً حتى تندهر وتختفي, أو ينوب عن عملها الآلة التي تفتح باب لمتطلب ومهارة العمل جديد .

 

أهمية وفوائد العمل الفردية والإجتماعية

للعمل أهمية عالية وفوائد عديدة منها نفسية وجسدية ودينية للفرد, حيث إن العمل له تأثير نفسي جداً عالي على الفرد, فكلما كان الفرد فعالاً أكثر بالمجتمع كلما كانت ثقته أعلى بنفسه ومكانته أعلى بمجتمعه, ولكن عكس ذلك يحط من قدراته ويهبط من طموحاته ومعنوياته وكذلك يخفض من طاقته الجسدية.

لذلك يجب على كل فرد أن يعمل ليسخر هذه الطاقة لمنفعة ذاته أو مجتمعه أفضل من تضييعها على اللهو اللعب أو ممارسة نشاطات غير صحيحة أو غير مفيدة, إذ إن العمل هو الوسيلة الأساسية للإنسان لتوفير سبل العيش أولاً من ثم تطوير الحياة ثانياً, حيث إن العمل كلما كان مربحاً أكثر يتمتع الإنسان بمستوى معيشي أكبر.

ولكنه لا يقتصر على نسبة بذل الجهد فقط, حيث إن بعض الأعمال تكون جهدها قليل ومربحة أكثر من أعمال أخرى يكون جهدها عالي وربحها قليل, وهذا الأمر يعتمد على مستوى ذكاء ومهارة الفرد في تسخير قدراته, كما أكد الشرع على أهمية العمل في الإسلام لما له من منفعة للفرد بقوله تعالى {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} .

وكذلك للعمل أهمية وفوائد إجتماعية للمجتمع والأفراد الذين يعيشون فيه بشكل عام, فحين يعمل الفرد فأن عمله لا يقتصر على تطوير ذاته فحسب بل وتطوير مجتمعه أيضاً, لأن العمل بالأساس هو لإنتاج أو تقديم السلع والخدمات للفرد أو للمجتمع, في حين إن بعض الأعمال والعلوم لا تقتصر على تطوير مجتمع معين فحسب بل لها تأثير واسع على الكوكب بشكل عام وهذا التطوير ينفع جميع الأفراد الذي تسكن فيه, ولكن على الرغم من أهمية العمل وفوائده للأفراد والمجتمع فيجب أن يسير هذا العمل وفق معايير وضوابط شرعية أو معيارية حتى يحقق الغاية المطلوبة .

 

ضوابط العمل الشرعية للفرد والمجتمع

لم يحدد الشرع ضوابط جميع الأعمال بشكل مفصل ولكن حدد الضوابط الأساسية للمارسة الأعمال بشكل عام التي تبين ضوابط العمل الشرعية للفرد والمجتمع ومتى يكون العمل غير شرعي, ومن هذه الضوابط هي :

1. عدم البخس بالسعر : إن البخس بالسعر هو شراء السلعة بأرخص من ثمنها الحقيقي في سوق البيع بسبب ضرف يمر فيه البائع لكن المشتري يستغل هذا الضرف من أجل مصلحته الخاصة ويبخس في سعر البائع حتى يضاعف نسبة ربحه, ولكن الشرع نهى عن هذا العمل, ومن بين الضوابط الشرعية في النهي عن بخس الأسعار قوله تعالى {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ}
كما أكد في قول آخر {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} .

2. ‏عدم المغالاة في الأسعار : البعض يستغل جائحة معينه أو أزمه إجتماعية أو حتى المناسبات الدينية والسنوية ليزيد من نسبة ربحه عن طريق بيع السلعة بضعف ثمنها أو أكثر مما تستحق, أو حتى يحتكرها ليضاعف ثمنها وقت الحاجة إليها كما في قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) “من إحتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس”
وفي ‏قوله تعالى عن المغالاة في الأسعار وأكل مال الباطل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} .

3. ‏عدم إنشاء مشروع أساس ماله حرام : الكثير منا يعلم إن المشروع إذ كانت نقود تأسيسه حرام أو مصدر جلب البضائع من مكان غير شرعي أو حتى في تجارة الممنوعات يصبح المشروع كله حرام, فلا يجوز سرقة بنك من أجل تأسيس مشروع خيري ولا حتى أكل مهر الزوجة بحجة إنشاء عمل من أجل النفقة عليها, أو التجارة بالممنوعات من أجل كسب لقمة العيش, فحكم مضاعفة أموال الباطل هي باطل ولا ذريعة للعمل فيها وانها تضر المصلحة العامه بشكل كبير .

4. ‏عدم الإيفاء بالكيل : هو أحد طرق الغش الشائعة قديماً وحتى في عصرنا الحالي حيث يتلاعب البائع بالأوزان أو يخلط الماء مع عنصر آخر من المادة المباعة مثل خلط الماء مع الحليب لجعله أقل تركيزاً, لكي لا يبيع الوزن الحقيقي وبذلك يبيع أكبر قدر ممكن ويحقق أعلى إستفادة من البضاعة المباعة, ولكنها من أكثر ضوابط العمل التي تكرر ذكرها بالإسلام كقوله تعالى:

{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}
كما أكد في قول آخر ﴿وَإِلَىٰ مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ ۖ وَلَا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ ۚ إِنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ}.

5. ‏عدم إعطاء الأجير حقه ومستحقه : كثيراً ما نرى أنه يستغل أصحاب الأعمال حاجة الأفراد العاملة للعمل في سبيل تقليل الأجور وتحقيق إستفادة أكبر من الأرباح, ومن أحد هذه الأساليب الشائعة هو إما مضاعفة ساعات العمل بأجر قليل أو إعطاء الأجير أقل من حقه المستحق بالعمل، فقط لمعرفة صاحب العمل حاجة العامل لهذا العمل وإستغلال جهده إلا أن الشرع نهى على هذا العمل في قوله تَعَالَى {ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَه}
كما أكد رسول الله (صلى الله عليه وسلم )حين قال “أَعْطُوا الأجيرَ أجرَهُ قبلَ أن يَجفَّ عرقُقه” .

6. ‏عدم تسخير مال الأيتام تحت الوصاية من أجل المنفعة الشخصية : من الشائع جداً أن نرى بعض الأوصياء على الأيتام يستغلون مال ميراث هؤلاء الأيتام لتجارتهم ومنافعهم الشخصية ومضاعفة هذه الأرباح لمنفعة مصالحهم ضناً منهم إنها ربح عائد من عملهم الشاق.

إلا أنه شرعاً لا يجوز, فحق إعطاء الوصاية هو فقط للحرص على أموال الأيتام وتربيتهم حتى يبلغوا رشدهم, وفي حال إستثمر مالهم فيجب إستثماره لحسابهم من أجل الإنفاق عليهم وليس من أجل المصلحة الخاصة لذلك إكد الشرع على عدم العمل بأموال الأيتام وأكل ميراثهم في سبيل المصلحة الخاصة كقوله تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۖ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ ۖ وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-